أهمية القرآن الكريم
1أهمية القرآن الكريم إن القرآن الكريم كتابٌ منزلٌ لهداية البشرية وإصلاح حياة الفرد والجماعة المسلمة في جميع مناحي الحياة، ويحظى بمنزلةٍ عظيمةٍ في نفوس المسلمين كونه كلام ربّ العالمين، فإذا علم المسلم أنَّ قراءة القرآن سبباً في علو درجته عند ربّه -عزّ وجلّ- أقبل عليه إقبال المحبِّ، تلاوةً وتعلّماً وتدبّراً، ويُذكر أنَّه لا يوجد في تاريخ البشرية كتاباً حُفظ وقُرئ كما القرآن، وتظهر مكانته في حياة المسلمين فيما يأتي:
القرآن الكريم من أبرز عوامل توحّد المسلمين، فقد أوجب الله -تعالى- الاعتصام بالقرآن الكريم والرجوع إليه وإلى السنة النبوية عند الاختلاف، ممّا يشكّل وجهةً واحدة لكلّ المسلمين في السّعي لتحقيق مصالح الدين والدنيا، يقول تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّـهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّـهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُون)، والقرآن حبل الله المتين الموصل لطريق الحق المبين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أَلَا وإنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ: أَحَدُهُما كِتَابُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، هو حَبْلُ اللهِ، مَنِ اتَّبَعَهُ كانَ علَى الهُدَى، وَمَن تَرَكَهُ كانَ علَى ضَلَالَةٍ). القرآن منهجُ تربيةٍ للمسلمين؛ فقد حملت مضامينه منهجاً يهدف إلى إيقاظ بواعث الخير في نفوس المسلمين، وتوجيه طاقاتهم توجيهاً سليماً في كافّة المجالات التعبّدية، والأخلاقية، والسياسية، والاقتصادية وغيرها، والقرآن إذ يتفرّد بكونه كتابٌ جامع لكلّ عناصر التربية؛ فإنّه يقدّمها بواقعية وشمول واتّزان.
القرآن مصدر الشريعة الإسلامية، حيث يُعدُّ بمثابة الدستور المنظِّم لحياة الأمة المسلمة، وما استغنى به المسلمون في زمنٍ من الأزمان إلا وأغناهم الله -تعالى- به عن كل شيء، وتجدر الإشارة إلى أنَّ الأُمور التي لم يرد بها نصٌ مباشرٌ في القرآن الكريم لم تكن نسياناً منه -سبحانه-، وإنَّما رحمةً منه بخلقه، وقد فتح الإسلام باب الاجتهاد في استنباط الأحكام لما يستجدّ في حياة النّاس من أمور استناداً للثوابت الشرعية، وبما لا يخالف مقاصد الشريعة الإسلامية. القرآن منهاج الحياة للمسلمين والذي من شأنه أن يوجّه الفرد المسلم إلى طريق الحق القويم في علاقته مع الله -تعالى- وعلاقته مع الناس ومع نفسه، فيعبد الله ويطيعه، وينظر إلى الكون نظر المتأمّل المُتفكِّر في عظمة الله الخالق، ويتعامل مع الحياة الدنيا على أنَّها وسيلةً للحياة الآخرة، وليست غايةً في حدِّ ذاتها، كما على المسلم أن يتَّبع منهج الله في طلب الحق وتزكية نفسه، ويؤدّي حقوق غيره من الناس، ويدافع عن أمّته وينصح لها، أمَّا عن علاقته بغير المسلمين فقد بيّنها القرآن الكريم في قوله تعالى: (لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّـهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّـهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ). توجيه المسلمين إلى السنن الثابتة التي تستقيم بها الحياة على الأرض، فقد وعد الله -سبحانه- المؤمنين الذين يقيمون أمره في الأرض بالتمكين والاستخلاف والطمأنينة والبركة. تضمّن القرآن الكريم تعريفاً للإنسان بذاته، وكشف عن تكريم الله تعالى له، فقد سخَّر الله -تعالى- الكون بأسره للإنسان، وفضَّله على كثيرٍ من مخلوقاته؛ فهو المخلوق الذي خلقه الله بيده، وأسجد له الملائكة، وجعل له من النّعم ما لا يعدُّ ولا يُحصى، كما عرَّف القرآنُ الإنسانَ بالغاية من وجوده، والتي تتمثَّل بالعبادة وعمارة الأرض.
يوصف القرآن الكريم بأنّه كتاب هدايةٍ؛ فقد بيَّنتْ آياته طريق الحق وطريق الضلال مع مصير كلٍ منهما، ومن هنا فقد تضمّن مجموعةً من التشريعات؛ تهدف إلى حماية المجتمع من الفتن، ومن ذلك أنّه نهى الفواحش والآثام، وغيرها. القرآن الكريم زاخرٌ بالمواعظ التي يتعلّم الإنسان من خلالها أخطاء غيره ويتجاوزها، وتجدر الإشارة إلى اعتناء القرآن الكريم بالعقل، حيث إن العقل في الإسلام هو مناط التكليف، أمَّا تعطيله فهو من أشدّ الأُمور استنكاراً في الشريعة الإسلامية، لذلك نجد الكثير من الآيات الكريمة التي تدعونا إلى التفكّر والتدبّر، وقد اعتنى القرآن بالقلب، فقد وصف المؤمنين بأنَّهم عند سماعهم لآيات الله يزدادون إيماناَ وتسليماً لله -تعالى- وتلين قلوبهم عند ذكره، وينعكس هذا الإيمان والفهم والتدبّر للقرآن على سلوكهم.
آداب قراءة القرآن الكريم ينبغي لقارئ القرآن أن يتحلّى بالعديد من الآداب، وتقسّم هذه الآداب إلى قسمين: آداب مطلوبة في جميع الأحوال: وتتمثَّل هذه الآداب في أن يتوجّه القارئ في قراءته لله تعالى، ويداوم على ذكره، ويقابل نعم الله -تعالى- عليه بالشكر، ويتجنّب المحرّمات والمنهيات، ويتوكّل على الله -سبحانه- ويستعين به، راغباً بما عنده، خائفاً من عذابه، وأن يتحلى بالرفق والتواضع، ويبتعد عن العجب والكبائر. آداب مطلوبة حال التلاوة: ومنها أن يكون القارئ على طهارةٍ من الحدثين الأصغر والأكبر، ومن الجدير بالذكر أن قراءة القرآن للمُحدث حدثاً أصغر جائزةٌ بإجماع العلماء، ولكنه يكون حينها تاركاً للأفضل، ومن آداب التلاوة التّطيُّب ولبس الجميل من الثياب، واستعمال السواك، واختيار المكان المناسب للقراءة، واستقبال القبلة، والقراءة بتدبّرٍ وفهمٍ مع استحضار معاني الآيات، وتجنّب اللهو واللغو والضحك أثناء التلاوة.
وجوه تعظيم القرآن الكريم يظهر تعظيم القرآن الكريم في حياة الفرد والجماعة المسلمة من خلال مجموعةٍ من الممارسات؛ منها تعلّم القرآن الكريم وتعليمه، والمداومة على تلاوته آناء الليل وأطراف النهار، واستحضار الخشوع عند تلاوة آياته، وقراءته بتدبّرٍ وتفكّر، مع الالتزام بآداب وشروط التلاوة، فإذا شرع الإنسان بتلاوته استعاذ بالله -تعالى- من الشيطان الرجيم، فإذا مرَّ بآية تسبيحٍ سبَّح، وإذا مرَّ بآيةٍ فيها موضع للسجود سجد، وينبغي أن يتجنّب القراءة في الأماكن غير الطاهرة أو التي قد يتعرض فيها القرآن للتلف.(1)
المصدر : موقع موضوع